العاصمة

تسخير الخدام

0

 

إيمان العادلى

كانت حياتي طبيعية
‎إن اعتبرتم فتح الأبواب من تلقاء نفسها أمراً طبيعياً ..
‎إن كانت أصوات الهمس بجانب اُذني شيئاً طبيعياً ..
‎أو حتى رؤية ظلال تتحرك حولك و انت وحدك في المنزل حدثاً طبيعياً ..
‎فنعم حياتي طبيعية !!
‎دعوني أُعرفكم بنفسي .. أنا ديڤيد ، ابلغُ من العمر اثنان و ثلاثين عاماً ، عادي الملامح ، بدأ الشيب يغزو رأسي من هول ما رأيت ..
‎عيشي وحدي هو بسبب حُبي للهدوء ، الذى يبدو أنني لن أناله في هذه الحياة !
‎سئمت افعال اولئك من يعيشون معي ..
‎لا أعرف بماذا أُسميهم .. لكن أظن أن لفظة ” جن ” هي المناسبة لتسميتهم !
‎ما يفعلونه في حياتي هو أشبه بلعبة البحث و الإختباء ..
‎أسمع صوت ضحكاتٍ خلفي فالتفت ولا أجد شيئاً ..
‎لذا أصبحت أُريح نفسي ولا ألتفت من الأساس .. !
‎كما قلتُ سابقاً .. سئمت هذا الوضع و أُريد أن أفهم لماذا تحدث لي تلك الأمور ..
‎و لذلك .. لجأت إلى شبكة المعلومات و بحثت عن الجن
‎هناك الكثير من القصص المشابهة لقصتي ، لكنهم يأخذونها كنوع من التسلية الرخيصة !
‎لكن ما شد إنتباهي هو تقرير بعنوان ” كتاب الخادم الرابع ” ينص التقرير على أن الكتاب المزعوم قادر على حل المشاكل بأنواعها و يُمكنكَ من تسخير ” الخُدام ” و جعلهم ينفذون أوامرك المطلقة ..
‎( هراء ! ) هذا ما فكرت به بملل حينها .. لكنني ضغطت زر < تحميل الكتاب > بأي حال ..
‎بعد ثوان تمت عملية التحميل ..
‎فتحت الملف لتومض الشاشة لوهلة ثم تبدد الوميض تدريجياً لتصبح الشاشة حالكة السواد ..
‎ظننت انه عطل ما في النظام لكن سرعان ما اختفت شكوكي عندما ظهرت رسالة على الشاشة فحواها : ” تم النقل بنجاح !”
‎لم أهتم للأمر كثيراً و قررت الذهاب إلى النوم ، و غداً سأنظر في أمر هذا الجهاز الذى يبدو انه قد اصبح عجوزاً ..
‎بمجرد أن غفوت شعرتُ بحضورٍ خلفي ..
‎و بأن هناك بركاناً ثائراً تحت سريري ..
‎فكرت في تجاهل الأمر كالعادة ، لكن ازدياد الحرارة جعلني أُغير من رأيي ..
‎نهضت بحذر لأشعل الأضواء لكن يبدو أن التيار منقطع ..
‎عدتُ إلى السرير و انحنيت ببطئ و شعور غريب يجتاحُني ..
‎لكن كما نعرف جميعاً ” الفضول قتل القط !” و أنا سئمت حياتي .. فلماذا لا أكون فضولياً أيضاً !؟ .
‎ ‎بحذر نظرتُ إلى ما تحت السرير ..
‎كان كتاباً و بالصدفة وقعت عيناي على عنوانه .. و لكم أن تتخيلوا ماذا كان ..
‎عنوانه كان .. ” الخادم الرابع ” !
‎حسناً … هذا مُخيف !
‎غلاف الكتاب مصنوع من مجموعة من الجلود المهترئة و اوراقه كانت مثل “اوراق البردي ” في ملمسها ..
‎الكتاب مكتوب بلغةٍ غريبة .. اللاتينية ربما ..
‎و لكن مهلاً أنا لا اعرف اللغة اللاتينية فكيف اجد نفسي استطيع قراءتها و فهمها الآن ؟!
‎و أيضاً كيف استطيع القراءة في الظلام ؟!!
‎بدأ الهلع بالتسلل إلى ملامحي ، و على الرغم من ذلك دبت الحماسة في اوصالي ..
‎الإثارة الحقيقية بدأت عندما قرأت أول بضع كلمات في الكتاب
‎” بحق .. دماء .. الخدام .. السابقين .. آمركَ .. بالحضور .. !! ”
‎عم الصمت المكان لوهلة .. بدا الأمر ممتعاً و كنت على وشك الضحك ..
‎لكن اليد التى امتدت لتسحب قدمي بعنف من تحت السرير منعتني من ذلك !
‎هلعت و رميت الكتاب من يداي و حاولت التشبث بأي شئ حتى لا أُسحب من ذلك الشئ الذى لا اعلم كنهه بعد ..
‎أخذت اضرب تلك اليد بقدمي الحرة ..
‎تألم ذلك الشئ لوهلة و أصدر فحيحاً منزعجاً ..
‎ثم بدأ بشدي بإستماته لأصرخ بكلمات دون وعي مني :
‎” بإسم الخادم الرابع .. توقف ! ”
‎توقعت إنعدام الثأثير عليه لكن .. تجمدت اليد في مكانها لـلحظة ثم تعالى صوت أنينه بينما يُدخل يده إلى تحت السرير ببطئ ..
‎زحفت إلى الوراء مسرعاً و أنا لا اقوى على النهوض ..
‎عيناي لا تفارقان الكتاب المشع كالجحيم على بعد سنتيمترات مني ..
‎المشهد بدأ بالخفوت ..
‎أنا أغيب عن الوعي !؟ …
‎استيقظت على أشعة الشمس التى داعبت جفوني برفق ..
‎كنت ما أزال في الأرض مستنداً إلى الحائط ..
‎فكرت في لعنتي التى تحولت من مجرد الإحساس بحضور غريب الى التعذيب بعينه !
‎عاد الألم ينتابني من جديد ..
‎نظرت إلى قدمي ببطئ و حذر ..
‎إنها آثار حروق ! ..آثار حروق ليد نحيفة .. طويلة الأصابع بشكل غريب ..
‎ لم يكن هذا حلماً بعد كل شئ !
‎إذن أين الكتاب ؟
‎نظرتُ حولي في سرعة فلم اجدهُ ..
‎أصبحت أشعر بالهلع كلما فكرت في السرير كما الأطفال ..
‎لكني مع ذلك سأجرب البحث عن الكتاب تحته ..
‎نهضت من مكاني في الم و تحاملت على نفسي حتى وصلت الى السرير الملعون ..
أدخلت يدي و بحثتُ قليلاً .. و بالفعل وجدته !
‎لم يكن يُشع هذه المرة .. و لم يحدث شئ غريب ..
‎لذا فتحته و استمريت في القراءه .. حتى حل الليل ..
‎هناك الكثير من الأمور التى كنت اجهلها ..
‎و منها تحضير الشياطين !
‎ما إن بدأت في القاء ما حفظت من الكتاب حتى أُغلق باب الغرفة بعنف ..
‎بدأت الأضواء بالإرتعاش و الخفوت تدريجياً..
‎بينما تعالى صوت صرخات .. صرخات معذبة بدت و كأنها آتية من اعمق بقعة في الجحيم ..
‎هناك الكثير من الظلال تتحرك هنا و هناك ..
‎كل هذا و أنا مستمر في ترديد ما تعلمته من ذلك الكتاب ..
‎أصبحت أرتجف هلعاً .. و فكرت في التوقف ..
‎لكنني لم استطع .. لساني يردد تعاويذ غريبة وحده !
‎” بحق عهد الخدام استجب لي .. احضر الآن يا سيدى فأنا خادمك المطيع ! ”
‎أخذ لساني يردد هذه العبارة بإصرار .. و الظلال المتحركة تزداد جنوناً .. الصراخ يتعالى …
‎و لكن ما جعل كل هذا يتوقف هو صوت ضخم دوى في أنحاء الغرفة فجأه
‎” في منتصف الليل .. تستيقظ دماء الخدام لتطيع سيدها في رهبة ..
‎وريث لويسفر الرابع يحكم .. وريث لويسفر الرابع يسيطر .. وريث لويسفر الرابع يأمر .. و الخدام ينفذون ! ”
‎ثم اختفى كل شئ ..
‎انهرت و عيناي تراقبان الساعة في خوف ..
‎إنها الثانية عشرة إلا دقيقة ..
‎أهذه صدفةٌ يا ترى ؟!
‎و مجدداً أكتشف أن المشهد يتلاشي .. لأفقد الوعي من جديد !
‎استيقظت في الساعة العاشرة مساء اليوم التالي ..
‎لقد اطلت النوم على غير العادة !
‎نهضتُ في تثاقل و ارهاقٍ شديد ..
‎توجهت الى دورة المياه لأغسل وجهي المرهق ..
‎فتحت الصنبور و وضعت يداي في المياه الباردة ..
‎اليس من المفترض أن يكون الماء بلا لون ؟
‎اذن لماذا المياه التى تقطر من يداي حمراء اللون ؟!
‎ليس هذا فحسب فرائحة يداي كصدأ الحديد !
‎ايعقل أن تكون تلك … دماء ؟؟!
‎خرجت بسرعة من دورة المياه باحثاً عن آثار دماء اخرى ..
‎فتلك الدماء ليست لي !
‎و لكنني لم أجد شيئاً سوى آثار الدماء المتناثرة على ملابسي و الجريدة اليومية التى احتل صفحتها الأولى خبر ذبح شابة في السابعة عشرة من العمر بعد أن خرجت وحدها لشراء بعض الأشياء بعد منتصف الليل !!
‎صدفة .. نعم .. إنها كذلك بالتأكيد !
‎الندم يلتهمني ..
‎فقط ماذا بحق الجحيم دفعني لقراءة هذا الكتاب السخيف !
‎علي أن أتخلص منه ..
‎الحرق ؟ .. لا يُجدي
‎الدفن ؟ .. لا فائدة
‎اغراقه في المحيط ؟ .. لا نفع منه
‎مهما جربت يعود الكتاب إلى مكانه .. تحت السرير !
‎عدد القتلى في تزايد .. الشرطة في طريقها لإكتشاف الفاعل
‎أتمنى أن تسامحوني و لكن حتى لا أُلعن وحدي ..
‎لا يوجد لي سوى حلٍ واحد ..
‎جلب المزيد من الخدام ..
‎فقط ردد معي يا عزيزي ” لويسفر سيدي العظيم .. بحق عهد الخدام آمرك بالحضور ! .. ”
‎ارأيت ؟ إنه لأمرٌ في غاية البساطة .. انا آسف و لكن .. أهلاً بك معي في لعنة الخادم لـ وريث لويسفر الرابع !
‎تذكر أن تنتظر إلى منتصف الليل بهدوء ..
‎فـلويسفر قادمٌ لا محالة !

اكتشاف المزيد من بوابة العاصمة

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading