العاصمة

تعرف علي قصة الخلق‏ – مع امبراطور التدريب الدكتور اسلام دعبس

0

 

بقلم اسلام دعبس

انفصلت الأرض عن السماء كما ورد في القرآن الكريم في الآية الشريفة أو لم ير الذين كفروا أن السماوات والأرض كانتا رتقا ففتقناهما وجعلنا من الماء كل شيء حي أفلا يؤمنون الأنبياء آية‏30,‏

وقد أيدت الأبحاث العلمية ماورد في هذه الآية الكريمة, ففي البحث الذي نشر في مجلة ساينتيفيك أمريكان في اكتوبر عام1994 عن نشأة هذا الكون, والذي أجراه مجموعة من العلماء في الطبيعة والفلك ونالوا عنه جائزة تقديرية من جامعة شيكاجو, ذكر الباحثون أن هذا الكون نشأ منذ مايقرب من خمسة عشر بليون سنة نتيجة انفصال الأرض عن السماء والذي بدأ بثقب في حجم القرش تدفق من خلاله هذا الكم الهائل من المادة المصحوبة بطاقة هائلة ثم بدأت هذه المادة والطاقة المتسربة تتمدد, وبعد ذلك أخذت تبرد بسرعة شديدة جدا, ثم انخفضت الحرارة بمقدار مائة مليون مرة عن الحرارة الموجودة في قلب الشمس, وبدأت العناصر المكونة للأرض تسبح في بحر من الطاقة الهائلة جعلها كلها توجد علي شكل بروتونات موجبة ونيوترونات سالبة, وبعد أن تمدد الكون مليون مرة اندمجت هذه البروتونات والنيوترونات لتكون نواة الذرة مما تحتويه من غازات مثل الهيدروجين والهيليوم والديوتيريوم وغيرها, مما نعرفه الآن ونستخدمه في الانفجارات والانشطارات النووية, وقد حدث كل هذا في الدقيقة الأولي التي تمدد خلالها هذا الكون حسب مايقدر الباحثون, وبعد ذلك بدأت نواة الذرة تجتذب الإلكترونيات حتي أصبحت الذرات متعادلة الشحنات الكهربائية بعد300 ألف سنة, وكان الكون آنذاك أصغر ألف مرة مما هو عليه الآن. وبعد ذلك بدأت الذرات المتعادلة تتجمع وتكون سحابات من الغازات التي كونت من خلالها فيما بعد النجوم التي نراها في السماء, وفي الوقت الذي تمدد فيه الكون ليبلغ حجمه خمس حجمه الحالي كانت هذه النجوم قد تجمعت لتكون مجموعات عرفت فيما بعد بالأفلاك الصغيرة. وظل تمدد الكون حتي بلغ نصف حجمه الحالي وعندئذ حدث انفجار نووي في هذه النجوم نتج عنه معظم العناصر الثقيلة الموجودة بالكواكب المحيطة بنا الآن, أما الطاقة الشمسية التي ننعم بها الآن فعمرها لايتعدي الخمسة بلايين عام عندما كان حجم الكون يبلغ ثلثي حجمه الان بحسب ما أشار إليه البحث.

ولعلنا ندرك عظمة الخالق سبحانه وتعالي وقدرته حين يتحدث عن السماوات والأرض فيظن البعض أن السموات إنما هي القمر والشمس وتلك النجوم التي نراها ساطعة في السماء, إلا أن التقدم العلمي والتكنولوجي الرهيب في مجال أبحاث الفضاء قد مكن العلماء ـ وبعد إطلاق التلسكوب الفضائي هابل ـ من إدراك أن هناك مائة بليون بليون نجم مماثل لتلك الشمس الهائلة التي نراها وندور في فلكها, وفي القرآن الكريم يقول تعالي: والأرض وضعها للأنام, وقد بحث العلماء في كيفية تهيئة الأرض لكي تصلح ليعيش عليها الإنسان, وكيف هيأها الخالق عز وجل لهذا منذ بلايين السنين وقبل خلق الإنسان؟

فمنذ نحو خمسة عشر بليون عام كان الكون عبارة عن كتلة من اللهب عبارة عن مفاعل نووي حراري, وفي هذه الأثناء ومع بداية انكماش الكون ثم تمدده, بدأت ذرات الغازات تتكون كما سبق أن ذكرنا مثل الهيدروجين والهيليوم, وتبع ذلك تكوين ذرات الكربون والأكسجين والكالسيوم والحديد وغيرها من العناصر التي ثبت أن جسم الإنسان يتكون منها جميعا أيضا مصداقا لقوله تعالي: ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين المؤمنون آية21, أما العناصر الثقيلة مثل اليورانيوم فقد تكونت نتيجة لإنفجارات نووية حدثت عندما كانت الأرض قطعة من اللهب لاحياة عليها علي الإطلاق. وبعد أن تكونت كل هذه العناصر انطلقت في الفضاء الخارجي أيضا لتوجد بين النجوم, ومن خلال الشحنات التي تحملها كل هذه العناصر الأولية, تولدت قوي كهرومغناطيسية, وجاذبية متبادلة بين كل هذه الكواكب والنحوم أعطتها ثبات الوجود والاستقرار. ولعل أكثر مااهتم به العلماء لتحديد نشأة الحياة علي كوكب الأرض هو السؤال الذي واجههم وهو: كم يبلغ عمر الغلاف الجوي للأرض ومتي تكون هذا الغلاف, لأنه بدون هذا الغلاف لايمكن أن تكون هناك حياة علي ظهر الأرض علي الإطلاق!

ولقد توالت الدراسات لاكتشاف عمر الغلاف الجوي ومتي وكيف تكون, وكانت خلاصة هذه الدراسات أن85% من الغازات المكونة للغلاف الجوي المحيط بالأرض قد تكونت خلال المليون عام الأولي من تكون الأرض أي منذ نحو4.5 بليون عام أما الباقي فقد تكون ببطء خلال مراحل لاحقة من عمر الأرض.

وقد كان الغلاف الجوي في بداية تكوينه يتكون في معظمه من ثاني أكسيد الكربون ويأتي بعده غاز النيتروجين في المرتبة الثانية, ثم كميات قليلة من غازات الميثان والأمونيا وثاني أكسيد الكبريت وحامض الهيدروكلوريك, إلا أن الأكسجين لم يكن من ضمن مكونات الغلاف الجوي آنذاك,وبالتالي لايمكن أن تكون هناك حياة بدون أكسجين, وباستثناء وجود كمية كبيرة من بخار الماء فإن تكوين الغلاف الجوي للأرض في ذلك الوقت يشابه تماما الغلاف الجوي المحيط بكوكب الزهرة والمشتري, وحتي الآن لم يستطع العلماء تحديد الوقت الحقيقي الذي تكون فيه الغلاف الجوي بتكوينه الحالي, وإن كانت بعض الدراسات تشير إلي أن مستوي الأكسجين الحالي في الغلاف الجوي قد تكون منذ فترة تتراوح مابين بليون وبليوني عام حيث أصبحت الحياة ممكنة علي سطح الأرض منذ ذلك التاريخ. ولعلنا لانبالغ إذا قلنا إن الحبر الذي كتبت به هذه الصفحات, والهواء الذي نتنفسه, وكل مايجري في عروقنا من دم, وكل ماتتكون منه عظامنا وعضلاتنا, وكل ماهو كائن حولنا, إنما هو في الحقيقة عبارة عن إرث من تلك النجوم الأولي التي تكونت منها الأرض والتي خلق الله منها الإنسان بعد ذلك.
ويقدر العلماء عمر كوكب الأرض الذي نعيش عليه بنحو4.6 بليون عام, وقد حاول العلماء دراسة عمر الإنسان علي الأرض, وقدروه من خلال تحاليل الجينات الوراثية وتتبع شجرة العائلة البشرية بنحو200 ألف عام, وهذا ليس معناه أن الإنسان هو أول من عمر الأرض, بل كانت هناك كائنات مختلفة سبقته في الوجود عليها مثل تلك الحفريات, التي يتم اكتشافها, ومن خلال ذلك يتضح لنا أن الأرض كانت موجودة قبل خلق الإنسان بنحو4,4 بليون سنة. وقد كانت بداية حياة الكائنات علي الأرض بعد أن تكون الغلاف الجوي المحيط بالكرة الأرضية خلال المليون عام الأولي من تكون الأرض, حيث تتابع ظهور كائنات مكونة من خلية واحدة, ثم ظهرت الكائنات متعددة الخلايا, وبعد ذلك متعددة الأجهزة وذلك بعد أن استقرت حرارة الأرض وبردت المياه في قاع المحيطات والبحار, وقد حدث ذلك منذ نحو20 مليون عام حسب تقدير العلماء.

وربما كانت أقدم الحفريات التي اكتشفت لتحديد بداية الحياة علي كوكب الأرض هي ذلك الكشف عن حفريات قديمة من الطحالب الزرقاء في استراليا وجنوب إفريقيا يرجع عمرها إلي3.5 بليون عام, ويرجح بعض العلماء أن الحياة قد بدأت قبل ذلك أي منذ مايقرب من3.8 بليون عام ولكن لم تظهر أي حفريات تؤكد ذلك التاريخ.
وتتابعت الأحداث واجتمعت لكي يهييء الله سبحانه وتعالي الأرض ليخلق فيها الإنسان فقد قال عز وجل للملائكة بعد أن وضع الأرض للأنام: اني جاعل في الأرض خليفة فكل النعم التي أنعم الله بها علي الإنسان الذي استخلفه سبحانه وتعالي في الأرض إنما هي نعم موهوبة هيأها الله له وهكذا يمكن أن تكون مسلوبة إذا لم يحسن الإنسان استخدامها كما أنذرنا المولي عز وجل عندما قال: إن يشأ يذهبكم ويأت بخلق جديد وما ذلك علي الله بعزيز, أو عندما يشاء الله عز وجل أن تقوم الساعة حين قال يوم نطوي السماء كطي السجل للكتب.

اكتشاف المزيد من بوابة العاصمة

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading