العاصمة

السقوط في بئر سبع….. إيمان العادلى

0

إيمان العادلى

“الحلقة السادسة”..
“سقوط إنشراح”

انطلقت إنشراح وحدها إلى روما لتسلم ما معها من نيجاتيف الصور التي التقطتها هي

وزوجها للمواقع العسكرية المصرية لرجال الموساد، وأيضا حتى تخبرهم بقرار اعتزال

عائلتها العمل بالجاسوسية، وبالفعل التقت إنشراح الضابط الداهية “أبو نعيم” الذي

استمع إليها بتركيز واهتمام بالغين، وهي تقص عليه ما شاهدته في التليفزيون

المصري عن ذلك الجاسوس الذي ألقت السلطات المصرية القبض عليه وتحقق

معه حاليا.
وتوجه لها “أبو نعيم” بالسؤال: “وهل

صدقتم ما ادعاه المصريون عن ضبط جاسوس؟! وهل أنتم سذج لهذه

الدرجة؟!”، ثم قال لها بلهجة الواثق: “إن هذا الإعلان عن ضبط جاسوس ما هو إلا

دعاية فجة يزهو بها النظام المصري أمام شعبه، وذلك ليثبت لكم أنه موجود وقوي

ويحكم، وأيضا ليواري ضعفه، لقد شعر النظام المصري بالحرج لعدم استطاعته

قتالنا، وأمام الضغوط الداخلية عليه لم يجد النظام المصري إلا اختراع هذه القصة

الوهمية ليواري بها خيبته أمام الشعب المصري”.

وهكذا طمأن “أبو نعيم” ضابط الموساد الداهية عميلته الجاسوسة “إنشراح علي

مرسي”، وبعد ذلك دعاها للسهر بصحبته في أحد ملاهي روما الليلية احتفالا

واحتفاءا بمقدمها، وهناك في الملهى وبينما تنساب نغمات موسيقى رومانسية دعاها

“أبو نعيم” للرقص، فرقصا معا على أنغامها، ثم دعاها للشراب فشربا معا حتى ثملت

إنشراح وتمايلت، ولم تعد قدماها تقدران على حملها.

وفي آخر الليل وبعدما سهرا ورقصا وشربا معا، اصطحب الداهية “أبو نعيم” عميلته

إنشراح معه، وقضت إنشراح ليلتها بين أحضانه، فأذاقها من فنون الحب ما لم تره

من قبل، وكلما مضى بهما الوقت ازدادت شغفا وهياما بذلك الضابط الإسرائيلي

الذي أعطاها في هذه الليلة من ألوان الحب ما حرمها منه زوجها بانشغاله عنها

تارة وبسبب مرضه تارة أخرى، وبعد هذه الليلة لم تنس “إنشراح علي مرسي” أن

تؤكد على “أبو نعيم” أن يرسل في طلبها وحدها بعد ذلك ليخلو لهما الجو معا في

روما.
وبرغم أن ما فعله الداهية “أبو نعيم” يخالف ما يتبعه ضباط المخابرات، حيث

أنه من المعروف أن ضابط المخابرات ممنوع عليه إقامة علاقة عاطفية مع أي

عميلة لديه، وهذا من أبسط وأهم قواعد الجاسوسية المتعارف عليها، إلا أن هذا

الداهية فعل ما فعله متعمدا، وذلك أولا لرغبته في احتواء عميلته التي تريد

اعتزال العمل بالجاسوسية، وثانيا ليضمن ولاءها له ولجهاز الموساد بعدما عشقته

بكل جوارحها، وأصبحت أسيرة له بعدما منحها جرعات لا تنسى من الحب، وهكذا

سقطت إنشراح علي مرسي في مستنقع الرذيلة بعدما سقطت من قبل في مستنقع

الجاسوسية.
وعادت “إنشراح علي مرسي” من روما

وهي تحمل لعائلتها الكثير من الهدايا التي جعلتهم يطيرون فرحا، وازدادت فرحتهم

أكثّر وأكثر بعدما طمأنتهم بأن ما يحذروه ويخشونه ما هو إلا دعايات كاذبة ليس إلا،

كما بشرت إنشراح زوجها إبراهيم شاهين بأن الإسرائيليين قد ضاعفوا لهم رواتبهم

ومكافآتهم بعد هذه الزيارة الأخيرة.
وتمر الأيام والشهور على عائلة الجواسيس

وهم يعملون بكل جد واجتهاد وإخلاص في جمع المعلومات وإرسالها في خطابات

مشفرة لرجال الموساد في روما حتى وقعت الواقعة.

فقد قام الجيش المصري بعبور قناة السويس يوم 6 أكتوبر سنة 1973، كما

حطم خط بارليف الحصين، وحطم معه أسطورة العدو الذي لا يقهر، وانتصرت

مصر على إسرائيل في مفاجأة لم يتوقعها أحد لا في مصر ولا في إسرائيل، وبهذا

النصر أكدت مصر تفوقها الى إسرائيل عسكريا ومخابراتيا، لدرجة أن إسرائيل

بعد الحرب قد غيرت قيادات جهاز الموساد.

وسارع رجال جهاز الموساد في استدعاء عائلة الجواسيس، وبالفعل سافرت العائلة

كلها إلى تركيا، ثم سافر إبراهيم شاهين إلى أثينا بعد أن ترك عائلته بتركيا، وهناك

التقى “أبو نعيم” ثم سافر بصحبته إلى إسرائيل، وفي إسرائيل اجتمع قادة جهاز

الموساد الجدد بإبراهيم شاهين وسألوه لماذا لم يخبرهم بموعد قيام الحرب التي

فوجئوا بها؟ ولماذا لم يؤد عمله كما يجب؟
وبعد أن عدد لهم خدماته الكثيرة أجابهم

إبراهيم شاهين بأن موعد الحرب كان سريا، وأن المصريين قد قاموا بالتمويه

حينما منحوا الضباط أجازات، وأيضا حينما أرسلوا بعض الضباط لأداء العمرة، وأخيرا

قال لهم إنه حتى لو علم موعد الحرب قبلها بأسبوع وأرسل لهم خطابا بالموعد،

لقامت الحرب قبل أن يصل إليهم هذا الخطاب.

وبعد ذلك تشاور رجال الموساد في أمر عائلة الجواسيس، ثم اتخذوا قرارا خطيرا،

فما هو هذا القرار؟ هذا ما سوف نعرفه في الحلقة القادمة بإذن الله تعالى

، فانتظرونا

المصادر:

الكاتب. ا. خطاب معوض خطاب
كتاب “أشهر وأخطر الجواسيس عبر

العصور” محمود عبد الله.
كتاب “كل شيء هادئ في تل أبيب”

حسني أبو اليزيد.
برنامج النادي الدولي، حوار سمير صبري مع الجاسوسة.

كتاب “جواسيس الموساد العرب” فريد الفالوجي.

جريدة الأهرام الصادرة يوم 5 أكتوبر 1974.

اكتشاف المزيد من بوابة العاصمة

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading