العاصمة

الصراع بين العمامة والطربوش

0
إيمان العادلى
كانت العمامة فى الماضى اللباس الرسمى للرأس وكان يلبسها مختلف الطبقات فكان الحاكم التركى
وشيخ البلد وعلماء الأزهر والقساوسة والتجار يلبسون العمامة وحتى الصناع وأصحاب المتاجر.
وعندما جاءت الحملة الفرنسية على مصر وجد بونابرت العلماء يلبسون العمامة فطلب منهم
تصغير حجمها فأخذت تصغر رويدا رويدا إلى أن جاء محمد على فأعادها إلى شكلها الطبيعى وحول
شكلها إلى طيات مختلفة بعد أن نزع منها الشال ولما تولى عباس الأول الحكم فى نوفمبر عام
1848م لبس الطربوش الإسلامبولى الذى يختلف عن الطربوش المعتاد فى الأتساع واللون ولما جاء
إسماعيل طغى الطربوش على العمامة ودخل المدن والأقاليم كما أزداد الأهتمام بالطربوش على العمامة فى عصره
وخلال قيام الثورة العرابية أستمر الأهتمام بلبس الطربوش كما كان للعمامة من يهتم بلبسها ففى
أثناء ثورة عرابى كان “سعد زغلول” يلبس العمامة لفترة فلما جاءت ثورة 1919م لبس الطربوش
وظلت هذه الظاهرة الأجتماعية تشغل الأذهان فالبعض ينتصر للعمامة والآخر يفضل الطربوش
وأستمرت الصحف تكتب الفصول الطوال حول هذا الموضوع موضحة آراء الناس فى هذه القضية
ويبدو أن الإنجليز الذين كانوا يحتلون مصر خلال هذه الفترة شجعوا على ذلك حتى يتم إشغال
الناس عن القضية الوطنية وصرفهم عن المطالبة بالحرية وخروج الإنجليز من البلاد ومما ذكرته الصحف فى ذم العمامة نذكر ما نشرته مجلة
“الكشكول” حول هذا الموضوع فوصفت العمامة بأنها تاج أنتهت دولته وسلطان ذهبت صولته وكوكب تلألأ ثم انقشع
وأستمر الحال على ذلك حتى لبس بعض المصريين القبعة وأعتبرها البعض شارة التفوق والغلبة
ويحكى الأديب “عبد العزيز البشرى” قصة طريفة حول هذا الموضوع فيذكر أنه كان يصحب أبنتيه
فى نزهة وكانتا تضعان على رأسيهما قبعتين فشاهدهما أحد أولاد البلد فقال لصديق له كان
يجالسه على المقهى: “شوف فضيلة الشيخ ملبِّس أولاده برانيط”.. فسمع البشرى هذا التعليق ومضى
يقول: “أمال عايزنى ألبسهم عمم” وعلى أية حال فبعد أنتشار الوعى القومى فى أعقاب ثورة
1919م تردد شعار”مصر للمصريين”.
وعاد المصريون إلى لبس الطربوش وأصبح رمزاً للرفعة والسمو وتمسك الناس به وأستمرت الأمور
على هذا الحال حتى يوليو 1952م وأعيد النظر فى لباس الرأس عند المصريين وأنتهى الأمر بأن
أصبح المصريون لا يلبسون لا طربوش ولا عمة ولا قبعة وأقتصر أمر العمة على الأزهريين ورجال الدين

اكتشاف المزيد من بوابة العاصمة

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading