العاصمة

كورونا واليتيم

0
كتبت / ريم ناصر الغمري
الحياة لا تستوي أبداَ , فهي دائماَ في ترحال , بين النقيضين الأبيض والأسود تسير , فالأقدار مقدرة بيد من لا يغفل ولا ينام {الخالق , البارئ , المصور} سبحانه وتعالى بكل دقة , فكلاَ منا ينال ميراثه من الحياة بحلوها ومرُها في متوالية حسابية أشبه باللوغاريتمات.
فأثناء مروري بأحد الشوارع القريبة من منزلي عند ذهابي لتأدية عملي مبكراَ هالني ما رأيت:-
طفل نائم بجوار حائط والندى يتساقط عليه, ربتٌ على كتفه وهمست أستيقظ يا ولدي , بعد برٌهة فتح عينيه
متوجساَ قلت له , من أنت , أنت مين , رد قائلاَ متحسراَ أنا {اليتيم} أنا المسكين , انا المحروم من حنان الوالدين,
فقلت له يا بني :- سيأخذ الجميع نصيبه من هذه الدنيا سعادة كانت , أم شقاء , فلن يفوتك شيء كتبه الله لك او عليك , وارضى بقدرك وما قسمه الله لك , وقل الحمد لله رب العالمين على نعمة{الحياة} فهناك الألاف قبل أن تولد تموت فقد أستخلفنا الله لعمارتها , ولك شرف أن تكون جزء من كٌل , جفت الأقلام , وطويت الصحف .
#عبقرية الفكرة :-
في الخواطر النبيلة والجليلة التي تنبع من الوجدان ابتغاء مرضاة الله في أسعاد الآخرين .
مجرد فكرة عظيمة , من رجل عظيم ذو قلب رحيم , يعمل بجمعية الأورمان لرعاية الأيتام – بالقاهرة .
ترسخت الفكرة في ذهنه , وانطلقت إلى حيز التنفيذ عام 2004 {جعلها الله في ميزان حسناته} وهي لماذا لا يتم تخصيص يوم من كل عام{أول جمعة} من شهر أبريل سنوياً للاحتفال بالأيتام ويسمى {يوم اليتيم} ؟
لإدخال البهجة والسرور لنفوسهم , وتقديم الهدايا إليهم في جو أسري , يحوطهم بالدفء والحنان , ويؤكد لهم بأنهم ليسوا بمفردهم , أو بمعزل عن المجتمع , بل هم في لُب قلوبنا ونحن نتشرف بأن نكون عوائلهم المفقودة.
ولما لا :- فهي من الأعمال التي تقدسها الشرائع السماوية وتحثنا عليها , ولقد أولاها الإسلام الخاتم للرسالات شديد التبجيل والاهتمام , وعظيم الأجر والإحسان .
ودليلاً على ذلك ذكر لفظ {اليتيم} بكتاب الله الكريم {33} مرة
# الأيتام :-
شريحة من ضعفاء المجتمع , رقيقو الحال في أمس الحاجة إلى الرعاية والاحتضان والرحمة والعمل على حفظ أموالهم وحقوقهم بين أقرانهم من أفراد المجتمع الأسوياء {إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلماً , إنما يأكلون في بطونهم ناراً وسيصلون سعيرا} بتذليل الصعاب التي تواجههم , والعناية بهم وبشئونهم والمحافظة على كل ممتلكاتهم , ولو كانوا تحت الوصايا , وكفالتهم سواء كان بالتبني أو بالتربية أو أمدادهم ومساعدتهم بالمال من خلال المصارف الشرعية للدولة كما نص ديننا الحنيف .
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم { من وضع يده على رأس يتيم رحمة, كتب الله له بكل شعرة مدت على يده حسنة } صدق الرسول الكريم .
قد نكون كمسلمين مقصرين في بعض الفروض في خًضم تسارع أيقاع الحياة , بمباهجها وزخارفها, وأحزانها ومآسيها وكٌل مافيها , لكن الله عوضنا خيراً بالدين الوسط ونوافله , ويسر لنا سبل الأعمال التي تعوضنا عما فاتنا , وتقربنا نُزل الجنة ونعيمها .
فمن الضروري أن نحرص وبشدة أن لا نُضيع أو تفوتنا مثل هذه الأعمال التي نبلٌغ بها الدرجات العٌلا عند ملك الملوك وخالق الخلق تبارك وتعالى, ومرافقة حبيبه وخليله وخير من أصطفى سيدنا {محمد} صلوات الله وسلامه عليه , والذي قال في حق الأيتام { أنا وكافل اليتيم كهاتين في الجنة , وأشار بأصبعيه السبابة والوسطى لقربهما من بعضهما } ومن لا يتمنى إلا يكون قريب وبجوار الحبيب , وينال جائزة الآخرة وهي {خير لنا من الأولى} ويعُد من المؤمنين المفلحين الذين ينالون الثواب الجزيل والأجر العظيم من رب العالمين , بعمل يسير ولا يكلف الكثير , بل أكثر من هذا يمنحنا ويرزقنا جنات النعيم , التي فيها {ما لا عين رأت , ولا أذن سمعت , ولا دار بخٌلد بشر}
وها نحن اليوم بصدد مشاركتهم في عيدهم ال{17} أدعوكم من خلال منبر {صاحبة الجلالة} يا أخوتي وأخواتي المسلمين والمسلمات القادرون المقتدرون في شتى بقاع الأرض , أن تلبوا نداء وأمر ربكم وتنفيذ رسالة رسوله الكريم التي حملها أليكم , لتنالوا رضا الله عنكم في الدنيا والآخرة , بالتصدق والزكاة , خاصة ونحن نمٌر بظروف
استثنائية هذا العام إلا وهي ثورة برٌكان فيروس {كورونا}
سارق الفرح الذي أخذنا على حين غٌرة في آتون هوة سحيقة من الخوف والقلق والإرهاب الفكري , فضيع علينا غبطة ولذة الأيام الروحانية المباركة من شهري رجب وشعبان والذي إنسانا طقوسهٌما الجليلة وفوائدهٌما العظيمة للبشر والذي ننتظرهٌما من العام إلى العام بفارغ الصبر
مما يصعٌب معه التجمع والاحتفال , ولكن ليس بمستحيل أن ندخل في أفئدتهم عظيم الفرحة بتهنئتهم في عيدهم وإيصال هداياهم بطريقة أو بأخرى لإسعادهم واحتوائهم , وتطبيب قلوبهم المفطورة , لفقدان أحد الوالدين أو كلاهٌما .
قال تعالى :- {يمحق الله الربا , ويرٌبي الصدقات} صدق الله العظيم .
نسأل الله عز وجل أن يرفع مقته وغضبه عنا ويزيل هذه الغٌمة عن الأمة ويوفقنا جميعاً لفعل الخيرات , ودرء المنٌكرات , وأن يعيننا على حٌسن طاعته ويرحمنا, ويغفر لنا ولوالدينا ولأحبابنا وذوينا , ولإخواننا المسلمين وأخواتنا المسلمات , وصلى الله على نبينا {محمد} وعلى آهله وأصحابه أجمعين في الملأ الأعلى إلى يوم الدين , اللهٌم آمين .

اكتشاف المزيد من بوابة العاصمة

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading